القيادة الداعمة ودورها في تحقيق التميز المؤسسي

 القيادة الداعمة ودورها في تحقيق التميز المؤسسي

للقيادة العليا في المؤسسة الدور الرئيس في تحقيق التميز المؤسسي , فهي التي ترسم صورة المستقبل المنشود وهي التي توجه المؤسسة نحو تحقيق النتائج المرجوة وتدعم الجهود وتسخر الموارد وتحفز الموظفين والفرق للعمل بجد من أجل الوصول إلى حالة التميز المنشودة , وتتحمل المسؤولية عن أي اخفاق أو قصور .

دور القيادة في المؤسسة


يجب أن يتمتع من لديهم أدور في القيادة العليا في المؤسسة بالقدرة على العمل كنموذج يحتذى به لترسيخ قيم التميز والالتزام بها , أون يكون التميز ظاهراً بشكل واضح وجلي في جميع سلوكياتهم وقراراتهم وتعاملهم وتفاعلهم مع أصحاب المصلحة وأن يكون لديهم القدرة على التكييف مع المتغيرات الداخلية والخارجية وتغيير المسار كلما تطلب الأمر .

هؤلاء القادة هم أصحاب رؤى , ويعرفون ما يريدون وهم في سعي مستمر ومكثف للمعرفة والتعلم .

تتفق الكثير من نماذج التميز المؤسسي العالمية حول أهمية القيادة العليا في بناء وتحقيق التميز في المؤسسات والحفاظ عليه . حيث نجد أن معيار القيادة يأتي في مقدمة معايير نموذج جائزة بالدرج ونموذج المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة ( EFQM)

والنماذج العربية مثل نموذج جائزة الملك عبدالعزيز للجودة بالمملكة العربية السعودية ونماذج برامج التميز الحكومي والمؤسسي في الإمارات العربية المتحدة ,وهذا نابع حتما من الادراك التام أن عملية التميز تبدأ من رأس الهرم بالمؤسسة وتتجه نزولا إلى بقية مكونات المؤسسة . ففي المؤسسات التي تمكنت من تحقيق التميز والتفوق , نجد دائماً أن القيادة في هذه المؤسسات كان لها الدور الرئيسي في الوصول الى مستوى التميز المنشود وتشير كثير من الدراسات والأبحاث والتقارير التي أجريت على مؤسسات عالمية مثل أبل وأمازون وتسلا وميكروسوفت بوضوح الى دور القيادة في تحقيق التميز والنجاح لهذه المؤسسات وفي نفس الوقت المؤسسات التي أخفقت كانت قيادتها ضعيفة وتنقصها المعرفة حول كيفية تحقيق التميز ولم تحسن إدارة وتوجيه المؤسسة في مساعي تحقيق التميز. وفي مشاركتنا مع بعض المؤسسات في مساعيها لتحقيق التميز , كلما لاحظنا قصوراً في معرفة وفهم القيادة العليا بالمؤسسة لأهمية تحقيق التميز كلما ازداد لدينا الشكوك والقلق حول إمكانية تحقيق التميز المنشود .

بشكل عام من الأمور المهمة التي تعزز دور القيادة غي تحقيق التميز المؤسسي هو مستوى المعرفة والدراية لدى القيادة العليا , وقدرة القائد على توجيه المؤسسة نحو تحقيق التميز المنشود , والقدرة على اتخاذ القرار الداعم للتميز , والقدرة على إدارة تنفيذ مبادرات التميز . وسنقدم فيما تبقى من هذا المقال توضيح ملخص لهذه العوامل المعززة لدور القائد في تحقيق التميز .

المعرفة والدراية :

القائد أو المدير الذي يحقق لديه المعرفة الكافية حول متطلبات التميز وأدواته وكيفية تحقيقه وكيفية التعامل مع المواقف المختلفة التي تواجه تحقيق التميز . هم أيضاً على دراية بالتغيرات الداخلية والخارجية والفرص والتهديدات التي قد تسببها هذه التغيرات والوعي بقدرات المنافسين . يترجم هؤلاء القادة معارفهم الى مبادرات تحقق التميز للمؤسسة ويتشاركون مع الآخرين بمعارفهم ويسعون الى تعاليم الآخرين لكي يصبحوا أكثر فعالية في أعمالهم وأكثر استقلالية . وبذلك تصبح القيادة الإدارية الاستراتيجية ذات القدرات المعرفية المتطورة من أهم مقومات وآليات " إدارة التميز " .

توجيه المؤسسة نحو التميز :

من المؤكد أنه قبل ان نوجه المؤسسة نحو حالة التميز المستقبلية المنشودة يجب ان يكون لدينا رؤية وأن نكون قادرين على تنفيذ هذه الرؤية . يقوم القائد أو المدير القادر على تحقيق التميز بصياغة رؤية واضحة تحدد المكانة التي تطمح المؤسسة للوصول إليها وأهداف وغايات المؤسسة والتأكد من ترابطها وملائمتها للبيئة المحيطة , ويكون القائد قادراُ على وصف هذا المستقبل للآخرين بلغة مبسطة ومفهومة للجميع وتقديم إرشادات مفيدة فيما يتعلق بكيفية المضي قدماً وخلق الشعور بالهدف المشترك وتوجيه السلوك وتحفيز للآخرين للانضمام إليه في هذه المهمة وبناء بيئة عمل تكيفية للتابعين له وتوليد الثقة والتفاؤل لديهم .

وقد أصبحت اليوم مهارات توجيه المؤسسة والافراد أكثر أهمية من السابق حيث أصبحت بيئة الاعمال العالمية أكثر تقلباً وتعقيداً وغموضاً وأقل ضماناً ( VUCA ) لذلك تحتاج المؤسسات الى تحديد وتوحيد الاتجاه والجهود وهذا يتطلب مهارات توجيهية يجب أن تكون لدى القائد مثل وضع الرؤى والأهداف والخطط وتنفيذها وحل المشكلات عند ظهورها والتكيف مع المتغيرات وبما يسمح لقيادة المؤسسة بتوجيه المؤسسة نحو المستقبل وإدارتها بفعالية ومرونة عالية .

اتخاذ القرار الداعم للتميز :

أهم دور للقيادة هو اتخاذ القرارات وهو أمر لا يمكن تجنبه بالنسبة للقائد , القادة مسؤولين عن حسين سير عمل المؤسسة , لذلك عليهم أن يقرروا ماذا يفعلون , وكيف سيفعلون ذلك . وبواسطة من يقرر القادة كيفية تحقيق الأهداف . ما نوع الاستراتيجيات التي يجب أن تتبناها المؤسسة وكيف سيتم تنفيذها ؟ القرارات تسهم في حل المشاكل والسير بالمؤسسة نحو تحقيق أهدافها . نمو وتطور المؤسسة يعتمد اعتماد كامل على القرارات التي يتخذها القادة .

يساعد القرار الصحيح المؤسسة على التحرك في الاتجاه الصحيح . ويفهم القادة الجيدون التأثير  والتكلفة المترتبة على قراراتهم . ويعرف القادة الجيدون أفضل الطرق لاتخاذ القرارات ومتى يمكنهم اتخاذ قرارات فردية أو بالمشاركة أو التوافق مع الآخرين أو متى يمكن التفويض أو ترك القرار للآخرين

قيادة التنفيذ :

القائد مسؤول عن دفع مبادرات ومساعي تحقيق التميز إلى الأمام من خلال دعم تنفيذ هذه المبادرات والمساعي وتسخير الموارد المطلوبة لها ومراقبة وتقييم التقدم ومراجعة الإنجاز والأداء .

هذا بالإضافة لدعم بناء وتطوير قدرات الأفراد وبناء تعزيز ثقافة الابتكار والإبداع في المؤسسة . وحل المشكلات التي تواجه التنفيذ والدخول في شراكات وتحالفات مع مؤسسات أخرى من أجل تحقيق التميز المنشود .




د. ناصر الدين ظافر المدني

استشاري التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي . والتميز المؤسسي وإدارة الأداء




تعليقات

الأرشيف

تواصل معنا

إرسال

Cookies notification

مدونة همزة وصل تستخدم ملفات تعريف الإرتباط من أجل تحسين تجربتك أثناء زيارتك لموقعنا, باستخدامك للمدونة فأنت توافق على استخدامنا لهذه الملفات.

معرفة المزيد؟