التسريع الأكاديمي للموهوبين: خطوة نحو التقدم أم تحديات جديدة؟

التسريع الأكاديمي للموهوبين: خطوة نحو التقدم أم تحديات جديدة؟


يعد برنامج التسريع الأكاديمي واحداً من أهم الأدوات التي تستخدم لدعم الموهوبين وتمكينهم من استثمار قدراتهم . يتمثل هذا البرنامج في تخطي الطالب الموهوب مراحل دراسية محددة , مثل الانتقال من الصف الرابع الابتدائي إلى السادس مباشرة دون دراسة الصف الخامس , أو من الأول المتوسط إلى الثالث المتوسط . وبهذا , يختصر الطالب سنة أو سنتين من مراحل دراسته , لتصبح إجمالي سنوات الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية أقل من المعتاد .

رغم أن هذه الفكرة تبدو مبشرة , إلا أن تطبيقها يفتح أبواباً للتساؤلات والتحديات التي تؤثر في مدى نجاحها . فما هي المعوقات التي قد تواجه الطلاب الموهوبين في هذه الرحلة ؟ 

وكيف يمكن ضمان أن تكون هذه التجربة إيجابية ومثمرة ؟



التحديات المرتبطة بعملية التسريع :

1- العلاقة الاجتماعية والضغوط النفسية : عندما يُسرع الطالب الموهوب , يجد نفسه فجأة
بين زملاء أكبر منه سناً وجسمانياً . فهل يتمكن من بناء علاقات إيجابية معهم ؟ وهل يستطيع التعامل مع الضغوط النفسية والتحديات اليومية ؟ هذا يتطلب منه مستوى عال من 
التأقلم النفسي والاجتماعي , والذي قد لا يكون متوفراً لدى جميع الطلاب الموهوبين .

2- الفجوة المعرفية : عند تخطي مرحلة دراسية , يخسر الطالب خبرات ومهارات تعليمية مهمة , مثل بعض أساسيات الرياضيات والعلوم واللغات التي تدرس في الصف الذي

تجاوزه . وهنا يظهر التساؤل : من سيتولى سد هذه الفجوة ؟ هل هي مسؤولية المعلمين أم 
الأسرة ؟ وماهي آليات الدعم لضمان قدرة الطالب على مواطبة زملائه في المرحلة الجديدة  ؟

 3- الدعم المدرسي : لتحقيق النجاح , يحتاج الطالب الموهوب إلى بيئة مدرسية داعمة تسهم في إثراء معارفه وصقل موهبته . هل ستوفر المدرسة المصادر والأنشطة التي يحتاجها ؟ وهل ستدعم مشاركته في التحديات والمسابقات الإبداعية التي تلبي شغفه العلمي والإبداعي ؟

4- الجاهزية البدنية : تشير الدراسات إلى أن الطلاب الذين يتمتعون ببنية جسدية تتناسب مع أقرانهم في الصف المسرع يواجهون تحديات أقل . أما الطلاب ذوو البنية الأصغر أو الضعيفة , فقد يجدون صعوبة في التكيف , مما قد يستدعي التريث قبل اتخاذ قرار التسريع 

متى يكون التسريع إيجابياً ؟

بحسب الدكتور عبدالله الجغيمان في كتابه " الدليل الشامل في تصميم وتنفيذ برامج تربية ذوي الموهبة ؟ 2018 , يتطلب نجاح برنامج التسريع توفر مجموعة من المقومات الأساسية , منها :
* التأقلم النفسي والاجتماعي : يجب أن يكون الطالب قادراً على التعامل مع التحديات النفسية والاجتماعية التي يفرضها وجودة بين زملاء أكبر منه سناً .
* جاهزية المعلمين : ينبغي أن يكون المعلمون على دراية باحتياجات الطلاب الموهوبين
المسرعين , وأن يعملوا على سد الفجوات المعرفية وتعويض الخبرات المفقودة .
* الدعم الأسري : يتطلب الأمر تعاوناً وثيقاً بين الدراسة والأسرة لضمان توفير بيئة تعليمية واجتماعية داعمة .


التسريع في مدارس الموهوبين : نموذج للنجاح

تعتبر مدارس فصول الموهوبين بينة مثالية لتنفيذ برنامج التسريع , حيث تتوفر فيها مقومات النجاح التي تضمن تحقيق الأهداف المنشودة . فالطالب المسرع في هذه الفصول يجد نفسه بين زملاء يمتلكون نفس القدرات والشغف , مما يخلق انسجاماً كبيراً يدعم العملية التعليمية . إضافة إلى ذلك , يتميز معلمو فصول الموهوبين بكفاءهم العالية واهتمامهم بتلبية احتياجات الطلاب المعرفية والإبداعية .


كما أن الأنشطة الإثرائية في هذه المدارس تسهم في تطوير مهارات الطلاب وتعزيز إبداعاتهم , سواء من خلال تصميم منتجات ابتكارية أو المشاركة في مسابقات علمية . كل هذه العوامل تجعل من التسريع تجربة تدعم النمو الاكاديمية والشخصي للطالب .

الخاتمة :

التسريع الأكاديمي ليس مجرد قرار إداري , بل هو رحلة تتطلب التخطيط والتهيئة لضمان نجاحها . وبدون مقومات الدعم اللازمة , قد يتحول التسريع من فرصة للنمو إلى تحد يصعب على الطالب تجاوزه , لذا يظل التسريع في مدارس الموهوبين النموذج الأمثل الذي يجمع بين عدم القدرات الفردية وتعزيز روح الابتكار لدى الموهوبين 



بقلم : مبارك الفرحان

تعليقات

الأرشيف

تواصل معنا

إرسال

Cookies notification

مدونة همزة وصل تستخدم ملفات تعريف الإرتباط من أجل تحسين تجربتك أثناء زيارتك لموقعنا, باستخدامك للمدونة فأنت توافق على استخدامنا لهذه الملفات.

معرفة المزيد؟